responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 308
أَيْ كَرَمِهِ، وَهُوَ مُضَاعَفَةُ الْحَسَنَاتِ الْوَارِدَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ [الْبَقَرَة: 261] الْآيَةَ.
وَذُيِّلَ هَذَا الْوَعْدُ بِمَا يُحَقِّقُهُ وَهُوَ أَنَّ الْغُفْرَانَ وَالشُّكْرَانَ مِنْ شَأْنِهِ، فَإِنَّ مِنْ صِفَاتِهِ الْغَفُورَ الشَّكُورَ، أَيِ الْكَثِيرَ الْمَغْفِرَةِ وَالشَّدِيدَ الشُّكْرِ.
فَالْمَغْفِرَةُ تَأْتِي عَلَى تَقْصِيرِ الْعِبَادِ الْمُطِيعِينَ، فَإِنَّ طَاعَةَ اللَّهِ الْحَقَّ الَّتِي هِيَ بِالْقَلْبِ وَالْعَمَلِ وَالْخَوَاطِرِ لَا يَبْلُغُ حَقَّ الْوَفَاءِ بِهَا إِلَّا الْمَعْصُومُ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنِ الْأُمَّةِ فِيمَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، وَفِيمَا هَمَّتْ بِهِ وَلَمْ تَفْعَلْهُ، وَفِي اللَّمَمِ، وَفِي مَحْوِ الذُّنُوبِ الْمَاضِيَةِ بِالتَّوْبَةِ، وَالشُّكْرُ كِنَايَةٌ عَنْ مُضَاعَفَةِ الْحَسَنَاتِ عَلَى أَعْمَالهم فَهُوَ شكر بِالْعَمَلِ لِأَنَّ الَّذِي يُجَازِي عَلَى عَمَلٍ الْمَجْزِيُّ بِجَزَاءٍ وَافِرٍ يَدُلُّ جَزَاؤُهُ عَلَى أَنَّهُ حَمِدَ لِلْفَاعِلِ فِعْلَهُ.
وَأُكِّدَ هَذَا الْخَبَرُ بِحَرْفِ التَّأْكِيدِ زِيَادَةً فِي تَحْقِيقِهِ، وَلِمَا فِي التَّأْكِيدِ مِنَ الْإِيذَانِ بِكَوْنِ ذَلِكَ عِلَّةً لِتَوْفِيَةِ الْأُجُورِ وَالزِّيَادَةِ فِيهَا.
وَفِي الْآيَةِ مَا يَشْمَلُ ثَوَابَ قُرَّاءِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُمْ يَصْدُقُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ مِنَ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَلَوْ لَمْ يُصَاحِبْهُمُ التَّدَبُّرُ فِي الْقُرْآنِ فَإِنَّ لِلتِّلَاوَةِ حَظَّهَا مِنَ الثَّوَابِ وَالتَّنَوُّرِ بِأَنْوَارِ كَلَامِ اللَّهِ.
[31]

[سُورَة فاطر (35) : آيَة 31]
وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31)
وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ.
لَمَّا كَانَ الْمُبْدَأُ بِهِ مِنْ أَسْبَابِ ثَوَابِ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ تِلَاوَتُهُمْ كِتَابَ اللَّهِ أُعْقِبَ التَّنْوِيهُ بِهِمْ بِالتَّنْوِيهِ بِالْقُرْآنِ لِلتَّذْكِيرِ بِذَلِكَ، وَلِأَنَّ فِي التَّذْكِيرِ بِجَلَالِ الْقُرْآنِ وَشَرَفِهِ إِيمَاءً إِلَى عِلَّةِ اسْتِحْقَاقِ الَّذِينَ يَتْلُونَهُ مَا اسْتَحَقُّوا. وَابْتُدِئَ التَّنْوِيهُ بِهِ بِأَنَّهُ وَحْيٌ مِنَ اللَّهِ إِلَى رَسُولِهِ، وَنَاهِيكَ بِهَذِهِ الصِّلَةِ تَنْوِيهًا بِالْكِتَابِ، وَهُوَ يَتَضَمَّنُ تَنْوِيهًا بِشَأْنِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ:
وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ، فَفِي هَذَا مَسَرَّةٌ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِشَارَةٌ لَهُ بِأَنَّهُ أَفْضَلُ الرُّسُلِ وَأَنَّ كِتَابَهُ أَفْضَلُ الْكُتُبِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 308
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست